نيلسون مانديلا السجين الذي اصبح زعيما




يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.. تلك المقولة الشهيرة تنطبق تمام الانطباق علي أحد رموز أفريقيا السمراء.. عرف بدفاعه عن الحق والعدل والمساواة بين البشر بغض النظر عن ألوانهم ومعتقداتهم.. مثل أشجار أفريقيا المثمرة كلما قذفت بالأحجار ألقت بأطيب الثمار.. ومثله مثل جبال أفريقيا الشاهقة صمد أمام كل التحديات.. ومثله مثل أنهار أفريقيا نشر الخير أينما حل وجرت علي لسانه أعذب الكلمات التي تلخص الحكمة لأفريقية.. أنه نيلسون مانديلا الذي أصبح أسمه من أبرز الأسماء المرادفة لأفريقيا.





بكل الإصرار صار مانديلا في طريق طويل نحو الحرية.. لم تتزعزع قناعته بأن النور سيظهر حتماً في نهاية النفق. تصدي للتمييز العنصري في جنوب أفريقيا بكل شجاعة وحماس الشباب، سجن 27 عاماً لم يستسلم خلالها لليأس أو القنوط، استمر في دراسته وهو بين جدران السجن بمراسلة جامعة لندن حتي حصل علي ليسانس القانون.. خرج من السجن وهو شيخ في الثانية والسبعين من عمرة بعد ضغط شعبي وأفريقي ودولي علي النظام العنصري في جنوب أفريقيا.. كان علية أن يختار بين الانتقام من جلاديه وسجانيه أو أن يمد إليهم يده بالعفو والصفح لصالح جنوب أفريقيا جديدة تطوي صفحة الماضي بكل مراراته وتنطلق لآفاق المستقبل بكل طموحاته، اختار العفو والصفح والانفكاك من أسر الماضي ضارباً أروع الأمثلة لتغليب المصلحة العامة علي ألمصلحه الخاصة. تبدأ قصة مانديلا عندما ولد عام 1918 في قرية صغيرة بجنوب أفريقيا، وكان يُعرف باسم قبيلته
 ماديبا »، ثم أطلق علية مدرسه اسم نيلسون مانديلا كناشط إلي المؤتمر الوطني الأفريقي عام 1943 ، وأصبح بعد ذلك مؤسسا ورئيسا لرابطة الشباب في الحزب وتزوج من زوجته الأولي إيفلين ماس عام 1944 ، ولكنهما انفصلا عام 1957 بعد أن أنجب منها ثلاثة أطفال فتح مانديلا مع إوليفرتامبو مكتب محاماة في جوهانسبرغ عام1952 . ونظم الاثنان حملة ضد التمييز العنصري، وفي عام 1956 اتهم مانديلا بالخيانة العظمي مع 155 ناشطا آخرين ولكن أسقطت التهم المنسوبة إليه بعد محاكمة استغرقت أربعة أعوام وفي عام 1958 تزوج مانديلا من ويني ماديكيزيلا التي كان لها بعد ذلك دوراً نشطا في حملة طالبت بإطلاق سراح زوجها من السجن وفي عام 1960 حُظر المؤتمر الوطني الأفريقي فاتجه مانديلا للعمل السري وزاد التوتر المتعلق بالتمييز العنصري حدة عام 1960 عندما قتل 69 من السود علي أيدي الشرطة في مذبحة "شاربفيل"  الشهيرة، وأدي ذلك الحادث إلي نهاية المقاومة السلمية وقاد مانديلا الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الحزب حملة تخريب اقتصادي ضد النظام العنصري وألقي القبض علية واتهم بالتخريب المتعمد ومحاولة الإطاحة بالحكومة من خلال استخدام العنف، ودافع عن نفسه مروجا لأفكاره بخصوص الديمقراطية والحرية والمساواة، وقال أمام هيئة المحكمة «طالما سعيت من أجل مجتمع ديمقراطي حر ينعم فيه كافة المواطنين بالسلام
وتتاح أمامهم فرص متساوية وفي عامي 1968 ، 1969 ، ماتت والدته وقتل أبنه الأكبر في
حادث تصادم مروري ولم يسمح له بحضور جنازتيهما وظل في السجن بجزيرة «روين » ل
18 عام قبل نقله إلي سجن بولسمور في البر الرئيس علي أرض جنوب أفريقيا عام 1982 .
وبينما كان مانديلا وقيادات المؤتمر الوطني الأفريقي يعيشون إما في السجون أوفي المنفي بذل
الشباب السود بجنوب أفريقيا قصار يجهدهم للنضال ضد حكم الأقلية البيضاء، وقتل المئات
وأصيب الآلاف قبل القضاء علي ثورة طلاب المدارس في عام 1980 دشن أوليفرتامبلو، الذي كان في المنفي، حملة دولية لإطلاق سراح مانديلا وقام المجتمع الدولي بتشديد العقوبات ضد نظام التمييز العنصري التي كانت قد فرضت علي جنوب أفريقيا عام 1967 .. وأثمرت الضغوط ففي عام 1990 رفع الرئيس «دي كليرك » الحظر المفروض على المؤتمر الوطني الأفريقي، وأطلق سراح مانديلا، وبدأت محادثات حول تشكيل نظام ديمقراطي جديد يتسم بالتعددية العرقية وفي عام 1992 طلق مانديلا زوجته «ويني » بعد إدانتها بتهمة الاختطاف وفي ديسمبر1993 حصل مانديلا ودي كليرك علي جائزة نوبل للسلام وبعد خمسه أشهر أجريت انتخابات ديمقراطية في جنوب أفريقيا صوت فيها المواطنون بمختلف أعراقهم وانتخب مانديلا رئيسا بأغلبية الأصوات.
ومنذ تنحي مانديلا عن منصب الرئيس عام 1999 ، أصبح أبرز سفير لجنوب أفريقيا ونظم حملات ضد مرض نقص المناعة المكتسبة الايدز، وشارك مانديلا  الذي أصيب بمرض سرطان البروستاتا عام 2001  في مفاوضات سلام داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي ودول أخري في أفريقيا وخارجها وفي عام 2004 أعلن اعتزاله الحياه العامة ليتسني له قضاء المزيد من الوقت مع عائلته وأصدقائه والاستغراق في جلسات تأمل هادئة وعمل علي حصول دولته علي حق استضافة بطولة كأس العام لكرة القدم عام 2010 ، ولم يظهر بعد ذلك سوي مرات قليلة وربما يعد أبرز شئ قام به مانديلا خلال الأعوام الأخيرة إعلانه بعد وفاة ابنه ماكجاثو في أوائل 2005 أنه مات بسبب مرض الإيدز، داعيا المواطنين في جنوب أفريقيا إلي الحديث حول الإيدز وجعله يبدو كمرض عادي وفي عيد ميلاده الثمانين تزوج مانديلا من غراسا ماشيل، أرملة رئيس موزنبيق، واستمر مانديلا يجوب العالم ويلتقي بالزعماء ويشارك في المؤتمرات ويحصل علي الجوائز تقديراً لإنجازاته وأرتبط ظهوره بعد ذلك في الأغلب بمؤسسة مانديلا الخيرية التي أسسها ومع بلوغه التاسعة والثمانين شكل مجموعة الحكماء التي تضم شخصيات قيادية عالمية لتقديم الخبرات والإرشادات لعلاج أصعب المشاكل في العالم. »
من أقوال مانديلا
التعليم هو أقوي سلاح يمكن أن تستخدمه لتغيير العالم.
أمقت العنصرية لأنني أعتبرها من الأشياء البربرية سواء جاءت من رجل أسود أو رجل أبيض أحلم بأفريقيا تنعم بالسلام مع نفسها.
عندما تجري الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا انتخابات لا يطلبوا مراقبين من أفريقيا ولكن عندما تجري أفريقيا انتخابات يطلبوا مراقبتها.
إذا أردت أن تنعم بالسلام مع عدوك فعليك أن تعمل معه ووقتها سيتحول إلي شريك.
ما تراه مستحيلاً يمكن أن يتحقق.
من الأفضل أن تقود من الصفوف الخلفية وتجعل الآخرين في المقدمة وذلك عندما تحتفل بالنصر أو بإنجازات
جيدة تحققت.. لكنك عليك أن تتقدم الصفوف وقت الخطر حينئذ سيقدر الناس قيادتك.
الذين يفتقرون إلي الموهبة والقوة والعزيمة والالتزام هم فقط من يقتنعون بعدم قدرتهم علي التغيير أو فعل شيئ.
قليلون هم من يتطلعون لتسلق المزيد من الجبال فور وصولهم إلي قمة جبل مرتفع.







تعليقات